وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِالْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ…
وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ “مت52:27
كلماتٌ قليلةٌ جدّاً ومقتضبة جدّاً ،ولكنّها هزّت البشريّة كلّها ،ونقضتْ عرشَ الموتِوأهانته وجعلت مملكتَه الحصينة سخريةً وهُزءاً بين القديسين والمؤمنين !!؟؟
حدثٌ عجيبٌ وغريبٌ، عبر عليه الإنجيل بسرعةٍ غريبةٍ ،وتركنا واقفين مذهولين وفاغرين أفواهنا لا ندري ماذا حدث !!؟؟
التوقيت مذهل بحقٍّ، فمملكة الموتِ ومملكة السكونِ والصمتِ ،قام أمواتُها القديسون بمجرّد ما أسلم المخلّص روحَه ،وكانت روحه قد أصدرت الأمر لأرواح القديسين بأن ينزلوا للأرض ،ويكسروا متاريس مملكة الظلمة ويحطّموها، ليبدأَ التسبيحُ والترنيمُ والتهليلُ يصدح في جنبات هذا الوادي الصامت!!؟؟
ولكن لم يكن لهم السلطان أن يخرجوا من القبور قبل أن يقومَ سيّدُ وبكرُ مملكة الأحياء من الموت، فلم يكن مسموحا لهم أن يتصلوا بعالمِ الأحياء حتي يقومَ السيّدُ من القبرِ ويبشّرَ أولاده ببدء مملكة الحياة علي الأرض!!؟؟
ماذا فعلوا في القبور يومي الجمعة والسبت وحتي فجر الأحد !!؟؟ ماذا كانوا يقولون، وعن ماذا كانوا يتكلّمون !!؟؟
كيف كان تسبيحهم للملك وهم في ظلمة القبور، وهل أضاءت القبورُ بنورهم، وهل كسّر تسبيحُهم صمتَ القبورِ !!؟؟
لقد ذهبت روح المسيح المتحدة بلاهوته، فكرزت للأرواح التي في السجن ” الَّذِي فِيهِأَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ،”1بط19:3
وحرّرتهم من قبضةِ الجحيم، وأرسلتهم إلي الفردوس، ولكن بعضاً منهم كانوا يريدون أن يعلنوا بشارةَ القيامة الأبديّة ويفرّحوا أهل الأرض بعمل السيّد العجيب في هدم مملكة الموت وإنتهاء سلطانها ،وبدء مملكة الحياة !!؟؟
وقام رب المجد ناقضاً أوجاع الموت ،قام بجبروت مذهل وبقوّة عجيبة وكأنّه نائم “فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ “مز65:78
وخرج الربُّ من القبر كجبّار منتصر، وخرج هؤلاء الأموات الأحياء من القبور بعد خروج السيّد وظهروا لكثيرين في أورشليم ،وبشّروا كثيرين ،والناس غير مصدّقة ومتعجّبة ومندهشة من هول الحدث ،ومن غرابتهِ !!؟؟
الكتاب تركنا في شغفنا بتفاصيل هذا الحدث المذهل للعقل، لنركّزَ علي هذا الجبّار الذي فتحَ طريقَ الموتِ ،وكسّر سلطانه وأهانه وجعله تحت أقدامنا، لنفرحَ ونبتهجَ ونهلّل بالقائم من بين الأموات !!؟؟
لكي نكونَ مثل هؤلاء الموتي الذين قاموا وخرجوا وظهروا لكثيرين ،ولكن الفارق أنّنا صُلبنا مع المسيح ودُفنا معه ،وقمنا ونظهرُ لكثيرين قوّةَ القيامة التي تسري في حياتنا “فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟”رو4:6
لذا فمبارك ومقدّس من جازَ الموت مع المسيح ههنا ،فلن يكون للموت الثاني سلطان عليه ” مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، “رؤ6:20
ولكن عليه أن يخرجَ من القبورِ ويُظهر للكثيرين علامةَ الحياة من الموت وقوّة القيامة، وإلاّ بدلاً من أن أبشّر بالقيامة كحيّ من الأموات ،أظهر كحيّ أمام الناس ولكنّني ميتٌ في نظر الله ” هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ “رؤ1:3